لاشيء يأتي عبثاً

 لا شيء يأتي عبثاً

الأحداث التي نمر فيها لا تأتي مصادفة، ولن تمر دون أن تترك لها أثراً في نفسك.
مهما حاولت أن تتجاهلها، ستبقى في رصيد ذاكرتك تستحضرها في مواقف أخرى. وربما في خلوة لك مع ذاتك تجدها حاضرة بكل تفاصيلها..

 

مقال لا شيء يأتي عبثا

ما دام الإنسان على قيد الحياة فهو يعيش حياة مليئة بالأحداث والمواقف الكثيرة، وهذه الأخيرة لا يمكن أن تمر دون أن تترك أثرا عميقا في نفسه، سواء كانت أحداثا جميلة، أو سيئة، ومهما حاول الإنسان تجاهلها فإنه سيبقى أسيرا لها، خاصة الأحداث السيئة التي تترك ندوبا عميقة في نفسه، وعلينا أن ندرك جيدا بأن الأحداث التي نمر بها، جميع الأحداث، لا تأتي مصادفة إطلاقا، وإنما تأتي لتعلمنا ثم تنصرف، تاركة لنا الدرس وأثره العميق في نفوسنا. لكن في الغالب نحن لا ندرك قيمة الدرس الذي لقنته لنا بل ننزوي فقط إلى الوجع والخدوش التي طبعت به قلوبنا، ونحاول استحضارنا بين الحين والآخر، خاصة حينما نتعرض لمواقف أخرى مشابهة، لكن العاقل هنا عليه أن يستحضر الدرس بين الحين والآخر حتى لا يسقط في نفس الخطأ، وإلا لصار ملزما بعيش الألم، نفس الألم، مرتين، ليدخل بعدها في حالة من الاكتئاب والشروع في جلد الذات بأبشع الطرق والعبارات، التي تصب جام لعناتها على سوء حظه، وعلى المكان الذي يعيش فيه، وعلى الأشخاص من حوله، على كل شيء، كل شي من حوله.. تماما كمن يضع نظارة سوداء في كل حين، لا يمكنه إطلاقا أن يرى جمال الألوان الذي يحيط به..

ومادام الإنسان يعيش في هذه الحياة، عليه أن يتحرى الحكمة في كل شيء لكي يعيش حياة هنيئة وخلاقة، فبدل البحث عن حلول للمشاكل التي يصادفها، هنا يأتي دور الحكمة لكي تجنبه الوقوع في المشاكل من البداية.

لكن مهما امتلكنا من تبصر فإن الأثر العميق لمختلف هذه الأحداث تبقى حاضرة بقوة في ذاكرتنا، نستحضرها دائما، خاصة إذا كانت هذه الأحدث سيئة، فإن أثرها العميق يكون كبيرا علينا، خاصة في الأيام الأولى من الألم تكون أكبر منا بكثير، ترخي بظلالها علينا، تتملكنا كليا، نشعر حينها بأننا ضعفاء جدا أمام كل شيء، الظلم، والخزي، والعار يلاحقنا في كل مكان، الأفكار السوداوية تتملكنا كليا وتجعلنا كالأسرى دون حراك، لكن بمجرد أن ندرك في قرارة أنفسنا أنها مجرد مرحلة وستنجلي، حينها سيدُب الاطمئنان إلى قلوبنا لا محالة، تماما كالبلسم حينما تضعه بروية على الجرج.. 

أما بالنسبة للأحداث الجميلة التي نمر بها فهي تترك أثرا طيبا في نفوسنا، خاصة الأحداث التي تتوافق معنا ونحن في كامل السعادة، تبقى هذه الأحداث شاهدة على جمال تلك اللحظات التي عشناها آنذاك، فبمجرد تذكر هذه الأحداث ترتسم البسمة على محيانا، لأنها ارتبطت بشكل مباشر مع لحظات السعادة تلك، ومن الجميل جدا أن يحاول الإنسان ربط لحظات السعادة بالتفاصيل الصغيرة التي اقترنت بتلك اللحظات، من يدري قد يعود إليها في لحظة ما حينما يكون وحيدا.. ستمنحه القوة لا محالة لمواجهة لحظات الضعف التي قد تنتابه حينما يمر بلحظات تعيسة. لذلك علينا أن نعيش لحظات السعادة بكل تفاصيلها لحظة بلحظة، أن نستشعر مدى الحب الذي يغمرنا حينها ونحن نتذوق طعم السعادة. وبذات الحكمة أيضا علينا أن نحول الأحداث التي تمكنت من نفوسنا وخدشتها بأبشع الطرق، إلى نقط قوة تدفعنا إلى الأمام بقوة، بدلا من الانغماس في تأنيب الضمير والعيش تحت رحمة النظرة السوداوية التي تجعلك أسيرا لها دون رحمة.

0 تعليقات

اكتب تعليقك هنا , وسيتم التواصل معك